الصومال بين نشاط المنصرين وغفلة المسلمين 3

Publié le par connaitre islam

 

الغفلة الإسلامية والعربية عما يدور في الصومال:

إن الصومال -على الرغم من كل ما يحدث فيه- بعيد كل البعد عن محلِّ اهتمام العرب والمسلمين؛ فبالكاد نسمع عن الصومال حينما تشتد وتيرة المعارك بين المتنازعين المتقاتلين، وبالكاد نسمع عنه حينما يكون هناك بعض التطورات السياسية المهمة، وما عدا ذلك فلا نسمع عن الصومال شيئًا؛ فالجامعة العربية نسيت (أو تناست) أن الصومال دولة عربية لها مقعد في هذه الجامعة المتفرِّقة، وليست المنظمات الإسلامية -كمنظمة المؤتمر الإسلامي وغيرها- بأفضل حالاً من الجامعة العربية؛ إذ يبدو أن الداء الذي أصابهم جميعًا واحد.

 

بل إن الصومال غائب عن مجال اهتمام العلماء والدعاة والمفكرين الإسلاميين، وقليل منهم من يتذكره، وقليل منهم مَن يدرك ما الذي يحدث في الصومال؛ حتى عندما قامت القوات الإثيوبية باحتلال الصومال لم تتحرك الجامعة العربية ولا المنظمات الإسلامية لإجبار إثيوبيا على الانسحاب من الصومال، وكأن الصومال جزء من روسيا أو الصين، لا يهمنا ولا يعنينا الذي يجري فيه من أحداث، وهذه مصيبة وربِّ الكعبة!

 

مقترحات لمواجهة التنصير في الصومال:

إن الواقع الصومالي بتعقيداته هو فرصة كبيرة جدًّا للمنصرين، وعلى هذا فلا بد من سُبُلٍ ذاتِ تأثيرٍ قوي تشترك فيها كل التيارات الإسلامية والمؤسسات الحكومية والوطنية في الصومال، خصوصًا في ظل وجود حكومة كانت ضمن قوات المحاكم الإسلامية التي عملت على صد التنصير لوقت كبير وقامت بدور إغاثي في العاصمة وغيرها من المدن، حتى أرَّقت المنصرين وعجَّلت بالغزو الإثيوبي للبلاد، ومن هذه السبل:

 

أولاً: السياسة:

فالسلطة الصومالية الحالية برئاسة شيخ شريف شيخ أحمد يجب أن يكون لها دور فعال وقوي في مواجهة التنصير؛ من خلال إصدار القوانين والتشريعات اللازمة لوقف هذا الخطر الذي يهدد الصومال بأكمله، وعليها أن تقوم بمراقبة البعثات الدبلوماسية وهيئات الإغاثة الأجنبية، وعلى هذه السلطة الصومالية أن تُثبِت بحق أنها تعمل لخدمة الإسلام في الصومال؛ وذلك من خلال صد هذه الهجمة التنصيرية.

 

ثانيًا: هيئات الإغاثة الإسلامية العالمية:

فيجب على هيئات الإغاثة الإسلامية العالمية أن تعمل على الدخول مجددًا إلى الساحة الصومالية للحدِّ من تأثير ووجود هيئات الإغاثة النصرانية التي تستغل هذا الفراغ في التأثير على المحتاجين وفرض النصرانية عليهم؛ ولأن هذه الهيئات متهمة دائمًا بدعم الإرهاب، فعليها أن تعمل على تغيير هذه الرؤية عنها. ونحن لا نطالبها بالدعوة إلى الإسلام بل بالحضور فقط؛ فبمجرد حضورها ينحسر وجود المنصرين، وهذا في ذاته خدمة جليلة تقدِّمها هذه الهيئات. وفي الوقت نفسه، فإن هذه الهيئات بحاجة إلى دعم إسلامي وعربي رسمي خصوصًا من الدول الصديقة للإدارة الأمريكية؛ بحيث تسعى إلى رفع تهمة الإرهاب عن هذه الهيئات وإيجاد موطئ قدم لها في الصومال.

 

ثالثًا: جمعيات وهيئات الإغاثة المحلية:

يجب أن تكون هناك جمعيات وهيئات إغاثة محلية يكون تمويلها من أهل الثراء في الصومال؛ بحيث تعمل هذه الهيئات على سدِّ الفراغ الذي تركته الهيئات الإغاثية العالمية، والأهم أن تكون هذه الجمعيات على مستوى مقبولٍ تقدِّمُ خدمات مقبولة من الناس حتى تستطيع تضييق مجال عمل الهيئات التنصيرية.

 

رابعًا: العلم بالنصرانية والحوار مع النصارى:

وهذا دور الشباب وطلاب العلم وكذلك المنظمات الإسلامية العالمية، مثل: (منظمة المؤتمر الإسلامية، والندوة العالمية للشباب الإسلامي)، فهذه المنظمات مطالَبَة بأن تقوم بعمل دورات تأهيلية لتدريب الشباب الصومالي على محاورة النصارى؛ بحيث يجري استقطاب عدد من هؤلاء الشباب خارج الصومال وتُجرَى لهم دورات مكثفة على أيدي أهل العلم المتخصصين في محاورة النصارى، وهذه معركة إن جرى الإعداد لها جيدًا، فإن النصر فيها والتوفيق من الله -عز وجل- للشباب المسلم.

 

خامسًا: العلماء وتوعية الناس بخطر التنصير:

إن العلماء هم رأس حربة الأمة في مواجهة كافة التحديات؛ فبهم يقتدي الناس، وعلى خُطاهم يسيرون.

 

والعلماء هم أصحاب الصوت المسموع، وأصحاب الأفكار البنَّاءة التي تؤرِّق العدو وتجعله يتخبط.

 

والعلماء هم الذين يملكون القدرة على التأثير في الناس وتنبيههم بخطورة التنصير وخطورة منظمات الإغاثة وخططها المشبوهة للتأثير على هوية وعقيدة الشعب الصومالي؛ ولهذا فالعلماء مطالَبون بأن يعيشوا وسط الناس ليل نهار لا يفارقونهم؛ يحدثونهم عن الخطر المحدق بهم ويدعونهم إلى الثبات على دين الله ويبيِّنون لهم كيفية التعامل مع المنصرين ويبينون لهم أيضًا فساد العقيدة النصرانية، وأنها عقيدة هشَّة سرعان ما تهتز إذا اقترب منها المتخصصون في النصرانية من المسلمين.

 

ومهما تحدثتُ عن دور العلماء فلن تكفينا المصنفات، لكننا نؤكد على أهمية دورهم، ونترك لهم اختيار الوسيلة المناسبة للقيام بهذا الدور.

 

سادسًا: الدوريات والبحوث:

وهذه مهمة المجلات والصحف التابعة للهيئات أو الأشخاص الذين يؤمنون بخطورة التنصير في الصومال؛ فهذه مطالَبَة بأن تُصدِر دراسات وبحوثًا ودوريات حول نشاط المنصرين في الصومال، وأسماء المنظمات التنصيرية، وكيفية عملها واستقطابها للناس، والأماكن المنتشرة بها، وهو ما يؤدي إلى أن يصير جزء كبير من الشعب مدركًا لتطورات نشاط المنصرين.

 

سابعًا: محاولة لم شمل الفرق المتنازعة على كلمة سواء:

لن أكون من المتفائلين أكثر من اللازم وأطالب المتخاصمين الصوماليين بالوحدة ونبذ الخلاف، بل فقط أطالبهم بأن يكون بينهم تنسيق في بعض القضايا المهمة، وخاصة قضية مواجهة التنصير. فهذا التنسيق لن يضرَّ أيًّا من هؤلاء المتخاصمين، لكنه سيؤدي إلى توحيد الجهود في مواجهة التنصير، وإنشاء هيئات إغاثية مستقلة لا تتبع أيًّا من هؤلاء المتنازعين، وتكون بعيدة عن النزاعات بينهم. ويكون من شأن هذه المنظمات تقليص المساحة التي تملؤها المنظمات الإغاثية التنصيرية.

 

المصدر: مجلة البيان.

 

Publié dans Monde musulman

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article