ألب أرسلان بطل معركة ملاذ كرد قاهر أولى الحملات الصليبية

Publié le par Alain

أولى الحملات الصليبية

في سنة ثلاث وستين وأربعمئة، جهز الإمبراطور أرمانوس جيشاً في جحافل أمثال الجبال، وصف المؤرخون هذا الجيش فقال ابن الأثير في كتابه الكامل: كان تعداد هذا الجيش مئتي ألف جندي

 

وقد فصل ابن كثير في موسوعته البداية والنهاية أوصاف هذا الجيش فقال : كان هذا الجيش من الروم والكرج والفرنج والروس، ومعه خمسة وثلاثون ألفاً من البطارقة، ومع كل بطريق ما بين ألفي فارس إلى خمسمئة فارس، ومعه من الفرنج خمسة وثلاثون ألفاً، ومن الغز، وهم جنس من الترك، خمسة عشر ألفاً، ومعه مئة ألف نقَّاب وحفار... ومعه أربعمئة عجلة تحمل العُدد والمسامير، وألفا عجلة تحمل السلاح والسروج والمجانيق، منها منجنيق أضخم منجنيق في عصره، يعده ألف ومئتا رجل، ومن عزمه - قبحه الله تعالى - أن يجتث الإسلام وأهله، وقد وزع الأراضي على قادة جنده حتى بغداد

 

وعندما أنهى الإمبراطور استعداداته، غادر بجيشه القسطنطينية باتجاه بلاد الشام

 

البطل ألب أرسلان

وكان السلطان ألب أرسلان، قد رجع عن حلب، وعندما وصل إلى منطقة أذْربيجان، وصلته الأخبار عن تحرك الإمبراطور البيزنطي إلى ملاذ كرد، وسمع عن هذا الجيش وكثرته، وكان جيشه بعيداً عنه قرب بحرقزوين، فلم يستطع جمع قواته، لبعد مواقعهم وقرب العدو منهم، فسار بمن معه من الجند وعددهم لا يزيد على خمسة عشر ألف مقاتل، كلهم من الفرسان

 

أولى البشائر

وكان الإمبراطور، قد جعل مقدمة لجيشه تقدر بنحو عشرة آلاف من المقاتلين الروس، وكان لجيش السلطان مقدمة، فاشتبكوا في القتال فانهزم الروس وأسر المقدم عليهم

 

أرسل السلطان إلى ملك الروم يطلب منه المهادنة فأجابه الإمبراطور: لا هدنة إلا بالري، وكانت الري عاصمة السلطان، وهذا الرد يتضمن التهديد بتدمير عاصمة السلاجقة، فانزعج السلطان لهذا الرد

 

وكان في الجيش، الإمام الفقيه أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري الحنفي فقال للسلطان: إنك تقاتل عن دين وعد الله بنصره وإظهاره على سائر الأديان وأرجو أن يكون الله تعالى قد كتب باسمك هذا الفتح، فلاقهم يوم الجمعة، بعد الزوال في الساعة التي يكون فيها الخطباء على المنابر، فإنهم يدعون للمجاهدين بالنصر، والدعاء مقرون بالإجابة

 

قبل المعركة

كان جيش الروم ثلاث فرق، وعندما علم الإمبراطور باقتراب جيش المسلمين، جمع جيشه وانحرف به إلى الجنوب الغربي، في محاولة منه ليلحق بمقدمة جيشه قبل أن ينقض عليه السلطان

 

ولكنه أغفل تدابير الحيطة، فلم يرسل عناصر الاستطلاع لمسافة بعيدة، ولم يعرف أنه بات شديد القرب من أعدائه الفرسان

 

وصف ابن الأثير ما قبل المعركة فقال: لما كانت تلك الساعة من يوم الجمعة صلى ألب أرسلان وبكى فبكى الناس لبكائه، ودعا ودعَوا معه وقال لهم: من أراد الانصراف فلينصرف، فما ههنا سلطان يأمر وينهى

 

ثم ألقى النشاب، وأخذ السيف والرمح، وعقد ذنب فرسه بيده، وفعل عسكره مثله، ولبس البياض وتحنط وقال: إن قُتلت، فهذا كفني

 

المعركة

وعند ظهيرة يوم الجمعة، وبينما كان الإمبراطور ينزل مع جيشه الوادي على الطريق إلى خلاط، رآهم السلطان، فنزل عن ظهر فرسه، وعفر وجهه بالتراب وبكى، وأكثر من الدعاء ثم ركب وانقض على جيش الروم، وحملت العساكر معه، فصار المسلمون في وسطهم، إن لله جنوداً منها الرياح، إذ هبت و ملأت عيون الروم غباراً، فقتل المسلمون فيهم كيف شاؤوا، فكان الرومي يضرب بسيفه في الهواء وهو مغمض العينين، ويمد يديه ليرى بهما دربه، والسيوف تعمل فيهم والرماح، ولا تطول يد رومي لفارس على ظهر فرسه، وأنزل الله نصره على المسلمين، فانهزم الروم وقتلوا كلهم في الهزيمة ولم ينج إلا الشريد الفارس، حتى امتلأت الأرض بجثث القتلى

 

أرمانوس أسيراً

انتهت المعركة، ووقف أرمانوس بين يدي السلطان ألب أرسلان، وفي يديه القيود وجرى الحوار التالي

السلطان: لو كنت أنا الأسير بين يديك، فماذا كنت تفعل؟

الإمبراطور: كل قبيح

السلطان: فما ظنك بي؟

الإمبراطور: تقتلني أو تشهرني في بلادك، أما العفو وأخذ الفدية فبعيد

السلطان: ما عزمت على غير العفو والفداء

 

افتدى الإمبراطور نفسه بألف ألف وخمسمئة ألف دينار، وأن يطلق كل أسير في بلاد الروم، وعلى هدنة خمسين سنة، يحمل فيها كل يوم ألف دينار، ثم قبَّل أرمانوس الأرض بين يدي السلطان

 

واستشهد البطل ألب أرسلان بعد سنة من هذه المعركة، وله من العمر إحدى وأربعون سنة، وقد لقب سلطان العالم

من موقع الألوكة

 

 

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article