معنى قوله تعالى وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ

Publié le par Alain

يتفق أهل العلم من المفسرين والفقهاء وغيرهم على أن قول الله تعالى : ( وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) البقرة/195
أنه وارد في سياق الأمر بالنفقة، وأنه قد ورد في سبب نزول الآية أن بعضَ الصحابة أرادوا أن يركنوا إلى ضيعاتهم وتجاراتهم ليصلحوها ويتركوا الجهاد في سبيل الله، فحذرهم الله من ذلك في هذه الآية
فقد روى الإمام البخاري رحمه الله (4516) عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال في هذه الآية : " نزلت في النفقة " انتهى
وروى الترمذي (2972) عَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ : ( كُنَّا بِمَدِينَةِ الرُّومِ فَأَخْرَجُوا إِلَيْنَا صَفًّا عَظِيمًا مِنْ الرُّومِ، فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صَفِّ الرُّومِ حَتَّى دَخَلَ فِيهِمْ، فَصَاحَ النَّاسُ وَقَالُوا : سُبْحَانَ اللَّهِ ! يُلْقِي بِيَدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ ! فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تَتَأَوَّلُونَ هَذِهِ الآيَةَ هَذَا التَّأْوِيلَ، وَإِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةَ فِينَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، لَمَّا أَعَزَّ اللَّهُ الإِسْلامَ، وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ، فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ سِرًّا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ أَمْوَالَنَا قَدْ ضَاعَتْ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَزَّ الإِسْلامَ، وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ، فَلَوْ أَقَمْنَا فِي أَمْوَالِنَا فَأَصْلَحْنَا مَا ضَاعَ مِنْهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّ عَلَيْنَا مَا قُلْنَا ( وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) فَكَانَتْ التَّهْلُكَةُ الإِقَامَةَ عَلَى الأَمْوَالِ وَإِصْلاحِهَا، وَتَرْكَنَا الْغَزْوَ. فَلَمْ يَزَلْ أَبُو أَيُّوبَ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى دُفِنَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّة ) وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" 13


ومع ذلك، فإن العلماء - من المتقدمين والمتأخرين - يستدلون بهذه الآية أيضا على النهي عن قتل النفس وإيذائها وإلقائها إلى التهلكة بأي طريقة من طرق التهلكة، آخذين بعموم لفظ الآية، وبالقياس الجلي، مقررين بذلك القاعدة الأصولية القائلة : العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله : " وأما قصرها عليه – يعني قصر الآية على موضوع ترك النفقة في سبيل الله - ففيه نظر، لأن العبرة بعموم اللفظ " انتهى. "فتح الباري"8/185
ويقول الشوكاني رحمه الله : " أي : لا تأخذوا فيما يهلككم. وللسلف في معنى الآية أقوال. والحق أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فكل ما صدق عليه أنه تهلكة في الدين أو الدنيا فهو داخل في هذا، وبه قال ابن جرير الطبري " انتهى. "فتح القدير"1/193
ويدل على ذلك أيضا تنوع تفسيرات السلف لهذه الآية، فقد ورد عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه اعتبر من يذنب الذنب ثم ييأس من رحمة الله : أنه ألقى بيده إلى التهلكة. قال ابن حجر في "فتح الباري" (8/33): أخرجه ابن جرير وابن المنذر بإسناد صحيح

 

منقول من الإسلام سؤال وجواب

Publié dans Aqida, coran

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article